فصل: الفن الثالث الأورام والبثور

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: القانون **


 الفن الثالث الأورام والبثور

يشتمل على ثلاث مقالات‏:‏

 المقالة الأولى الحارة منها والفاسدة

قد تكلمنا في الكتاب الأول في الأورام وأجناسها ومعالجاتها كلاماً كفياً لا بد أن يرجع إليه من يريد أن يسمع ما نقوله الآن أما في هذا الموضع فإنا نتكلم فيه كلاماً جزئياً‏.‏  فصل في الأورام والبثور

نقول أن كل ورم وبثر إما حار وإما غير حار والورم الحار إما عن دم أو ما يجري مجراه أو صفراء أو ما يجري مجراها‏.‏

وما كان عن دم‏.‏

فإما عن دم محمود أو دم رديء‏.‏

والدم المحمود إما غليظ وإما رقيق‏.‏

والمتكون عن الدم المحمود الغليظ هو الفلغموني الذي يأخذ اللحم والجلد معاً ويكون مع ضربان وعن الرقيق الفلغموني الذي يأخذ الجلد وحده وهو الشري ولا يكون مع ضربان‏.‏

وأما الكائن عن الدم الغليظ الرديء فتحدث عنه أنواع من الخراجات الرديئة فإن اشتدت رداءته واحتراقه حدثت الحمرة وأحدثت الاحتراق والخشكريشة وشر منها النار الفارسي وعن الرقيق الرديء يحدث الفلغموني الذي يميل إلى الحمرة مع رداءة وخبث فإن كان أرق كانت الحمرة الفلغمونية وإن كان أردأ أكثر حدثت الحمرة ذات النفاخات والنفاطات والاحتراق والخشكريشة‏.‏

وأما الصفراوي فإما عن صفراء لطيفة جداً لا تحتبس فيما هو داخل من ظاهر الجلد وهي حريفة فتكون منها النملة‏.‏

أما الساعية وحدها وهي ألطف وأما الساعية الأكالة وهي رديئة أو عن صفراء أغلظ من هذه وأقلّ حرارة وتحتبس في داخل من الأولى في الجلد وكان فيها بلغم وتكون منها النملة الجاورسية وهي أقل التهاباً وأبطأ انحلالاً‏.‏

وإن كانت المادة أغلظ وأردأ حدثت النملة الأكالة فإن كانت تجاوز في غلظها إلى قوام الدم وكانت رديئة أحدثت حمرة رديئة وجميع ذلك تكون المادة فيه رديئة لطيفة وإن اختلفت بعد ذلك وتكون للطافتها تدفعها الطبيعة فلا تحتبس في شيء إلا في الجلد وما يقرب منه وإذا كثرت مادة الورم الحار وعظم الورم جداً فهو من جملة الأورام الطاعونية القتالة ومن جملتها المذكورة المعروفة بتراقيا‏.‏

وهذه الأصناف الرديئة وما يشبهها تكثر في سنة الوباء والرديء من الأورام الحارة الذي لم ينته إلى انحطاط يتبعه اللين والضمور ولا إلى جمع مدة بل إلى إفساد العضو فليس يكون دائماً عن عظم الورم وكثرة المادة بل قد يكون عن خبث المادة‏.‏

واعلم أن الأورام قلما تكون مفردة صرفة وأكثرها مركبة واعلم أن كل ورم في الظاهر لا ضربان معه فإنه لا يقيح‏.‏

وأما في الباطن فقد قلنا فيه‏.‏

فصل في الفلغموني قد عرفت الفلغموني وعرفت علاماته من الحرارة والالتهاب وزيادة الحجم والتمدد والمدافعة والضربان إن كان غائصاً وكان بقرب الشرايين وكان العضو يأتيه عصب يحس به ليس ككثيرمن الأحشاء كماعلمت حاله‏.‏

وكلما كانت الشرايين فيه أعظم و أكثَر كان ضربانها وإيجاعها أشدّ وتحللها أو جمعها أسرع‏.‏

وإذا كان الفلغموني في عضو حساس تبعه الوجع الشديد كيف كان ويلزمه أن تظهر عروق ذلك العضو الصغار التي كانت تخفى‏.‏

واعلم أن اسم الفلغموني في لسان اليونانيين كان مطلقاً على كل ما هو التهاب ثم قيل لكل ورم حار ثم قيل لما كان من الورم الحار بالصفة المذكورة ولا يخلو عن الالتهاب لاحتقان الدم وانسداد المنافس‏.‏

والفلغموني قلما يتفق أن يكون بسيطاً وهو في الأكثر يقارن حمرة أو صلابة أو تهيّجاً وله أسباب‏:‏ منها سابقة بدنية من الامتلاء أو رداءة الأخلاط مع ضعف العضو القابل أو ضعف العضو القابل‏.‏

وإن لم يكن امتلاء ولا رداءة أخلاط ومنها بادية مثل فسخ أو قطع أو كسر أو خلع أو قروح تكثر في العضو فتميل إليه المادة للوجع والضعف وربما مالت إليه المواد فاحتبست في المسالك التي هي أضعف كما تعرض مع القروح والجرب المؤلم أورام في المواضع الخالية وتزيده يتبين بتزيّد الحجم والتمدد وانتهاؤه بانتهائه وهنالك تجمع المعدة إن كان يجمع وانحطاطه بأخذه إلى اللبن والضعف‏.‏

والرديء هو الذي لا يأخذ إلى الانحطاط ولا يجمع المدة ومثل هذا يؤدي إلى موت العضو وتعفُّنه وكثيراً ما يكون ذلك لعظم الورم وكثرة مادته وكثيراً ما يكون بسبب خبث المادة وإن كان الورم صغيراً‏.‏

وأنت تعلم ما ينفش بأن الضربان يأخذ في الهدء واللهيب في السكون وتعلم ما يجمع بازدياد الضربان والحرارة وثباتهما وتعلم ما يعفن بعسر النضج والكمودة وشدّة التمدد‏.‏

واعلم أنه ما لم تقهر الطبيعة المادة لم يحدث منها ورم وفلغموني في الظاهر‏.‏

واعلم أنه إذا تجاورت بثور دملية أنذرت بدمل جامع ويجب أن يسقى صاحب الأورام ماء الباطنة الهندبا وماء عنب الثعلب بفلوس الخيارشنبر‏.‏

فصل في علاج الفلغموني إذا حدث الفلغموني عن سبب بادٍ لم يخل إما أن يصادف السبب البادي نقاء من البدن أو امتلاء‏.‏

فإن صادف نقاء لم يحتج إلاّ إلى علاج الورم من حيث هو ورم وعلاج الورم من حيث هو ورم إخراج المادة الغريبة التي أحدثت الورم وذلك بالمرخّيات والمحلّلات اللينة مثل ضمّاد من دقيق الحنطة مطبوخاً بالماء والدهن وربما أغنى عن الشرط وكفى المؤنة وخصوصاً إذا كان الورم كثير المادة‏.‏

فأما إذا صادف من البدن امتلاء فيجب أن لا يمسّ الورم بالمرخيات فينجذب إليه فوق ما يتحلل عنه بل يجب أن يستفرغ المادة بالفصد وربما احتيج إلى إسهال‏.‏

فإذا فعلت ذلك استعملت المرخّيات ويقرب علاجه من علاج ما كان سببه الإمتلاء البدني ويفارقه في أنه ليس يحتاج إلى ردع كثير في الابتداء كما يحتاج ذلك بل دونه‏.‏

وأما إن كان السبب سابقاً غير بادٍ فيجب أن يبدأ بالاستفراغ وتوفية حقه من الفصد ومن الإسهال إن احتيج إليه‏.‏

والحاجة إليه تكون إما لأن البدن غير نقي وإما لأن العلة عظيمة فلا بد من استفراغ وتقليل للمادة وجذب إلى الخلاف‏.‏

وإن كان البدن ليس كثير الفضول فإن العضو قد يحدث به ما يضعفه فتنجذب إليه مواد البدن وإن لم تكن مواد فضل ويجب أن تراعي الشرائط المعلومة في ذلك من السن والفصل والبلد وغير ذلك ولنبدأ بالروادع إلا في الموضع الذي شرطناه في الكتاب الأول‏.‏

ثم يحاذي التبريد بإدخال المرخيات مع الروادع وكما يمعن في التبريد يمعن في زيادة المرخيات قليلاً قليلاً وعند المنتهى والوقوف وبلوغ الحجم والتمدد غايته تغلب المرخيات وصرفها والمجففات منها هي المبرئة في المنتهيات‏.‏

وأما المرخيات الرطبة فلتوسيع المسام وإسكان الوجع والمجفف هو الذي يبرىء ويمنع أن يبقى شيء يصير مدة فإن لم يبرأ بالتمام وأبقى شيئاً فإنما يبقى شيئاً يسيراً يحلّله ما فيه حدة وقد تعرض من الردع شدة الوجع لاختناق المادة وارتكاز العضو وقد يعرض منه ارتداد المادة إلى أعضاء رئيسة وقد يعرض أن يصلب الورم وقد يعرض أن يأخذ العضو في الخضرة والسواد خصوصاً إذا عولج به في آخر الأمر وبقرب الانتهاء‏.‏

واعلم أن شدة الوجع تحوجك إلى أدوية ترخي من غير جذب وربما كان معها تبريد لا يمانع الإرخاء‏.‏

وأما ارتداد المادة إلى أعضاء رئيسة فيؤمن عنه الاستفراغ إلا إذا كان ما أتاها منها على سبيل دفع منها وكانت الأعضاء القابلة عنها كالمفرغة لها فهنالك لا سبيل إلى ردع ودفع البتة وقد حققنا هذا في موضعه‏.‏

وإذا خفت أن يميل إلى الصلابة استعملت المرخيات التي فيها تسخين وترطيب بقوة‏.‏

فأما الأدوية الرادعة التي هي المتوسطة فعصارات البقول الباردة التي كثيراً ما ذكرناها في مواضع أخرى مثل عصارات الحمقاء والقرع والهندبا وعصا الراعي وغير ذلك وعصارة عنب الثعلب خاصة وأجرامها مدقوقة مصلحة للضماد وعصارة بزر قطونا أيضاً والقيروطي بماء بارد‏.‏

وربما كفى الخطب فيه إسفنجة مغموسة في خل وماء بارد والكاكنج قوي في الابتداء وكذلك قشور الرمان وحي العالم والسويق المطبوخ جداً وخصوصاٌ بخل ممزوج أو سماق والطحلب أيضاً جيد فإن احتيج إلى أقوى من ذلك زيد فيها الصندل والأقاقيا والماميثا والفوفل والبنج وحشيشة تعرف بحشيشة الأورام جيدة في الابتداء جداً وقد يعان تجفيفها وقبضها بالزعفران والترطيب في الابتداء خطر‏.‏

وإذا وقع الإفراط في التبريد فربما أدى إلى إفساد العضو وفساد الخلط المحقون في الورم فأخذ الورم إلى خضرة وسواد فإن خفت شيئاً من ذلك فاضمد الموضع بدقيق الشعير واللبلاب وما فيه إرخاء فإن ظهر شيء من ذلك فاشرط الموضع واشرحه ولا تنتظر جمعاً ونضجاً وذلك حين ترى المنصبّ كثيراً جداً وربما أمات العضو‏.‏

والشرط منهِ أظهر ومنه أغور وذلك بحسب مكان الورم وحال العضو‏.‏

وإذا شرطت فانطل بماء البحر وبسائر المياه المالحة وضمّد بما فيه إرخاء وإن لم تحتج إلى رش ونطل اقتصرت على المرخّيات‏.‏

واعلم أن استعمال القوية الردع في الأول والقوية التحليل في الآخر رديء فليحذر ما أمكن‏.‏

فإن التبريد الشديد يؤدي إلى ما علمت والماء البارد لذلك مما يجب أن يحذر إلا في مثل الحمرة وفي التحليل الشديد يحدث وجع فإن أريد أن يدبّر في الابتداء تسكين الوجع فلا تقربن الماء الحار والأدهان المرخّية والضمادات المتخذة من أمثال ذلك من الأدوية فإنها شديدة المضادة لما يجب من منع الانصباب وليكن المفزع إلى الطين الأرمني مدوفاً في الماء البارد أو مع دهن ورد‏.‏

وأفضل دهن الورد ما كان من الورد والزيت فإن الزيت فيه تحليل ما وإلى العدس المطبوخ مع الورد أو إلى المرداسنج بدهن الورد فإن لم تنجع هذه وما يجري مجراها استعمل اللبلاب فإنه شديد الموافقة في الابتداء والانتهاء والسرمق والحسك والكرفس والباذروج كذلك وكثيراً ما يسكن الوجع شراب حلو مخلوط بدهن الورد بل عقيد العنب وقليل شمع على صوف وصوف زوفا مبرّداً في الصيف مفتراً في الشتاء أو اسفنج مغموس في شراب قابض أو خل وماء بارد والزعفران يدخل في تسكين الوجع‏.‏

وإذا رأيت الورم يسلك طريق الخراج فدع التبريد وخذ في طريق ما ينضج ويفتح‏.‏

فأما إذا انتهى الورم فلا بد من مثل الشبث والبابونج والخطمي وبزر الكتان ونحوه بل من المراهم الدياخيلونية والباسليقونية‏.‏

وفي مرهم القلقطار تجفيف من غير وجع ولذلك يصلح استعماله عند سكون اللهيب من الفلغموني وتصلح إذا لم تخف الجمع والأجود أن تضع عليه من فوق صوفاً مغموساً في شراب قابض‏.‏

واللحم أقل حاجة إلى التجفيف من العصب لأن اللحم يرجع إلى مزاجه بتجفيف يسير وأقل اللحم حاجة أقله شرايين وكثيراً ما تقع الحاجة إلى الشرط قبل النضج وكثيراً ما يحتال في جذب الورم من العضو الشريف إلى الخسيس بالجواذب ثم يعالج ذلك ويقيح وما يحتاج إلى التقبيح من الأورام الحارة فليضمد ببزرقطونا رأسه بالمطفّيّات حواليه وليطلَ الأطلية والضمادات بالريشة فإن الإصبع مؤلمة‏.‏

فصل في الحمرة وأصنافها قد عرفت أسباب الحمرة وأصنافها في الكتاب الأول والتي يتميز بها عن الفلغموني أن الحمرة أظهر حمرة وأنصع والفلغمونىِ تظهر منه حمرة إلى سواد أو خضرة وأكثر لون دمه يكون كامناً في الغور‏.‏

وحمرة الحمرة تبطل بالمس فيبيض مكانها بسبب لطف مادة الحمرة وتفرقها ثم تعود بسرعة ولا كذلك حمرة الفلغوني وترى في حمرة الحمرة زعفرانية وصفرة ما ولا نرى ذلك في حمرة الفلغموني ولا يكون ورم الحمرة إلا في ظاهر الجلد والفلغموني غائر أيضاً في اللحم‏.‏

والحمرة الخالصة تدب ولا كذلك الفلغموني والصديدية تنفط ويقلّ ذلك في الفلغموني‏.‏

والخالصة لا تدافع اليد والفلغموني يمافع وكلما كثرت زيادة الدم على الصفراء كانت المدافعة أظهر والوجع والضربان أشد‏.‏

والحمرة تجلب الحمى أشدّ وقد يبلغ من حرارة الحمرة أن تحرق البشرة فيصير ما يسمى حمرة ولا كذلك الفلغمونى فليس التهاب الحمرة دون التهاب الفلغموني بل أكثر لكنّ تمدّد الفلغموني وإيجاده بسبب التمدّد قد يكون أكثر‏.‏

فلذلك وجع الحمرة أقل‏.‏

وأكثر ما تعرض الحمرة تعرض في الوجه وتبتدىء من أرنبة الأنف ويزداد الورم وينبسط في الوجه كله‏.‏

وإذا حدثت الحمرة عن انكسار العظم تحت الجلد فذلك رديء وقد عرفت الاختلاف بين الحمرة الفلغمونية وفلغموني الحمرة في غير هذا الموضع‏.‏

فصل في علاج الحمرة يجب أن يستفرغ البدن فيه بإسهال الصفراء وإن احتيج إلى الفصد فصد أيضاً وإنما ينفع الفصد جداً حين ما تكون المادةَ بين الجلدين فأما إن كانت غائرة فنفعه يقل وربما جذب وإن احتيج إلى معاودة الإسهال بعد الفصد فعل وذلك بحسب ما يخمن من المادة ثم يقبل على تبريدها بالمبرّدات القوية المعلومة في باب الفلغموني ويصب الماء البارد ويفعل ذلك حتى يتغير اللون فإن المحضة تبطل مع تغير اللون ونقصانه‏.‏

وبالجملهّ فإن التبريد في الحمرة أوجب لأن اللهيب والوجع الالتهابي فيه أكثر والإستفراغ في الفلغموني لأن المادة فيه أعصى وأغلظ ويجب أن تكون مبرداتها في الابتداء قوية القبض يكاد يربو قبضها على بردها‏.‏

وأما في قرب المنتهى فليكن بردها أشد من قبضها وليحذر مع ذلك أيضاً كي لا ترتد المادة إلى عضو باطن أو إلى عضو شريف وليحذر أيضاً كي لا يسودّ العضو ويكمد ويأخذ في طريق الفساد‏.‏

وإذا ظهر شيء من ذلك أخذ في ضد طريق القبض والتبريد‏.‏

فإن كانت الحمرة دبابة على الجلد عولج بخبث الرصاص مع شراب عفص يغلى بورق السلق المغلي بالشراب ويعالج بما فيه تحليل وتجفيف قوي مع تبريد وذلك مثل أن يؤخذ الصوف العتيق المحرق من غير أن يغسل وزن اثني عشر درهماً ونصف فحم فلب شجرة الصنوبر مثله الشمع خمسة عشر درهماً خبث الرصاص تسعة دراهم شحم الماعز العتيق المغسول بالماء خمسة عشر درهماً دهن الآس خمس أوراق وأيضاً أخف منه مرهم يتخذ من خبث الرصاص بعصارة السذاب ودهن ورد وشمع‏.‏

فصل في النملة الجاورسية النملة بثرة أو بثور تخرج وتحدث ورماً يسيراً وتسعى وربما قرحت وربما انحلّت وقد عرفت سبب كل واحد من ذلك‏.‏

ولون النملة إلى الصفرة وتكون ملتهبة مع قوام ثؤلولي ومستديرة وهي في الأكثر مستعرضة اوصول إلا ضرباً منها يسمّى أفروخوروذن يكون مستدق الأصل كأنه معلق ويحسّ في كلِّ نملة كعض النملة‏.‏

وبالجملة فإن كل ورم جلدي ساعِ لا غوص له فهو نملة لكن منها جاورسية ومنها أكالة على ما عملت وإذا صارت قروحاً وتعفّنت خصت بإسم التعفّن‏.‏

فصل في علاج النملة النملة وما يجري مجراها إذا لم يبدأ فيها فيستفرغ الخلط على ما يجب بل عولج القرح بما يبرىء عاد من موضع آخر بالقرب أو من الموضع نفسه ولا يزال يأكل الجلد أكلاً بعد أكل‏.‏

وماء الجبن بالسقّمونيا نافع في استفراغ مادة النملة ونحوها‏.‏

وأما الطريق التي يعالج بها النملة فهي بأن يجنب الأكال منها المرطبات التي قد تستعمل في الحمرة فإن الترطيب لا يلائم القروح وتستعمل في أوائلها الأمثل الخس والنيلوفر وحي العالم والطحلب والرجلة بل إن كان ولا بد فمثل عنب الثعلب وخصوصاً اليابس المدقوق فإن فيه تجفيفاً ومثل لسان الحمل والعليق والعدس من بعد وسويق الشعير وقشور الرمان وقضبان الكرم‏.‏

فإذا خيف عليه التأكّل أو التقرح استعمل مع هذه المبردات شيء من العسل ونحوه أو دقاق الكندر مع خلّ‏.‏

والماء الذي يسيل من خشب الكرم الرطب عند الاحتراق جيد وبعر المعز مع الخل أو إخثاء البقر مع الخلّ‏.‏

وإذا ظهر التقزُح أو التأكل فاستعمل أقراص أنزروت بشراب قابض أو خلّ ممزوج أو عصارة قثاء الحمار وملح ومرارة التيس والسذاب مع النطرون والفلفل أو النطرون ببول صبي وجالينوس يستصوب أن يؤخذ شيء كالأنبوب من طرف ريش أو من غير ذلك حاد الطرف يمكن أن يلتقم النملة ثم ينفذ حولها إلى العمق بحدة وتقلع النملة من أصلها‏.‏

وأما أمثال الصبيان فيذهب بنملتهم أن يدخلوا الحمام فيضربهم هواء الحمّام ثم يخرجوا بسرعة ويطلوا بدهن الورد بماء الورد‏.‏

الجاورسية تشبه النملة في العلاج لكن الأولى في إسهالها أن تكون في مسهلها قوة من مثل التربد مع ما يسهل الصفراء‏.‏

وإن كانت قوة من الأفتيمون فهو أجود لأنه لا بد هناك من سوداء أو بلغم يخالط الصفراء ثم يؤخذ العفص والكزمازك والصندل وقشور الرمان والطين الأرمني يجمع كله في الخل وماء الورد بمقدار ما لا يلذع ثم يلطخ عليه بريشة‏.‏

واللبن الحليب شديد الملاءمة لعلاج هذه العلة فإذا جاوز الأول فيجب أن يعالج بمثل رأس السمك المملّح محرقاً يطلى بالشراب العفص وأقوى من ذلك إذا احتيج إلى تجفيف بليغ أن يؤخذ ورق الباذروج ويدق ويجعل فيه القلقديس ويستعمل وأقوى من ذلك زنجار وكبريت أصفر محرق يتخذ منه لطوخ بالشراب أو بماء خشب الكرم الذي ينش عند احتراقه‏.‏

فصل في الجمرة بالجيم والنار الفارسيّة وغير ذلك هذان اسمان ربما أطلقا على كل بثر أكال منفط محرق محدث للخشكريشة إحداث الحرق والكي‏.‏

وربما أطلق اسم النار الفارسية من ذلك على ما كان هناك بثر من جنس النملة أكال محرق منفط فيه سعي ورطوبة ويكون صفراوي المادة قليل السوداء قليل التقعير ويكون مع بثور كبيرة صغيرة كأن هناك خلط حاد كثير الغليان والبثر‏.‏

وأطلق اسم الجمرة على ما يسود المكان ويفحم العضو من غير رطوبة ويكون كثير السوداوية غائصاً وبثره قليل كبير الحجم ترمسي وربما لم يكن هناك بثر البتة بل ابتدأت في الأول جمرة‏.‏

وجميع ذلك يبتدىء بحكة كالجرب وقد يتنفط النار الفارسية والجمر ويسيل منه شيء كما يسيل عن المكاوي محرق يكوي الموضع رمادي في لونه أسود وربما كان رصاصياً ويكون اللهيب الشديد مطيفاً به من غير صدق حمرة بل مع ميل إلى السواد‏.‏

والذي يخص باسم الجمرة يكون أسود أصل الجرح مائلاً إلى النارية وكان له بريق الجمرة‏.‏

والنار الفارسية منها أسرع ظهوراً وحركة والجمرة أبطأ وأغور وكأن مادتها مادة البثر والقوباء لكنها حادة في النار الفارسية وما عرض منهما في اللحم فهو أيسر تحللاً وما عرض منهما للعصب فهو أثبت وأبطأ تحللاً وكل واحد منهما عن مرار أصفر محترق مخالط للسوداء ولذلك يحدث منهما جميعاً خشكريشة سوداء وكان النار الفارسية أشد صفراوية والجمرة أشدّ سوداوية ولك أن تسمي كل واحد منهما بالمعنى الذي يجمعها جمرة ثم تقسم ولك أن تسميهما كليهما ناراً فارسية لذلك المعنى بعينه ثم تقسم ولك أن تعطي كل معنى اسماً وقد فعل جميع ذلك ولا كبير فرق فيه‏.‏

وقد يكون مع هذه ومع أصناف النملة والجاورسية الرديئة حميات شديدة الرداءة قتالة وقد تحدث هذه بسبب الوباء وكثيراً ما تشبه الفلغموني وإلى سواد ما في ابتداء الأمر وخصوصاً في سنة الوباء‏.‏

فصل في علاج الجمرة والنار الفارسية لا بد من الفصد ليستفرغ الدم الصفراوي وإذا كانت العلة هائلة فلا بد من مقارنة الغشي وربما احتيج وخصوصاً في الجمرة إلى شرط عميق ليخرج الدم الرديء المحتقن فيه الذي هو في طبيعة السم ولا تفعل ذلك إذا كانت المادة مادة إلى الصفراوية‏.‏

وإما العلاج الموضعي فلا بد من مثل علاج الجمرة ولكن لا يجب أن يكون اللطوخ شديد التبريد كما في الجمرة فإن المادة إلى غلظ ولأنها بحيث لا تحتمل ارتداد القليل منها إلى باطن لأنها مادة سمية ولا يجوز أن تستعمل شديد القبض أيضاً فإن المادة غليظة بطيئة التحلل ولا يجوز أن تستعمل المحللات لا في الأول من الظهور ولا عند أول سكون الالتهاب فتزيد في كيفية المادة بل يجب أن تستعمل الأدوية المجففة التي فيها تبريد وتحليل ما مع دفع مثل ضماد يتخذ من لسان الحمل والعدس وخبز كثير النخالة‏.‏

فإن مثل هذا الخبز ألطف في جوهره وأضمده تَشبه هذه مما كتب في القراباذين وأيضاً العفص بخل خمر والشبّ بخلّ خمر‏.‏

ومن الأدوية الجيدة في هذا الوقت وبعده أن يؤخذ رمان حامض ويُشقق ويُطبخ مع الخل حتى يلين ثم يسحق ويؤخذ على خرقة ويستعمل فإنه يصلح في كل وقت وتقلع هذه العلة في الابتَداء والانتهاء وقد يقع في أدوية هذا الوقت الجوز الطري وورقه مع السويق والزبيب والتين بشراب ودهن الخشخاش الأسود وأجوده أن يتخذ من الجملة ضماد‏.‏

ومن الأدوية الصالحة في أكثر الأوقات‏:‏ أفيون أقاقيا زاج سوري قشور رمان من كل واحد درهمان زهرة النحاس درهم بزر البنج درهم وأمثال هذه الأدوية إنما يوضع على ما لم يتقرّح‏.‏

وأما المتقرح فلا بد فيه من المجفف القوي مثل دواء أنزروت وفراسيون وأقراص بولواندروس ودواء القيسور بشراب حلو أو ميبختج‏.‏

وسائر ما قيل في علاج الجمرة المتقرحة والنملة الجاورسية ويجب أن تضمد عليها الأضمدة في اليوم مرتين وفي الليل مرة أو مرتين ولا تستعمل المعفنات ما قدرت فإنها تزيد في رداءة العلة‏.‏

ويجب أن تتعاهد ما يحمِط بالموضع موضع الإحتراق بالطين الأرمني بالخل والماء وسائر ما يبرّد ويردع وما هو أقرب من ذلك بصوف الزوفا مغموساً في الشراب فإذا سكن الالتهاب وبقيت القروح عولجت بمثل المراهم الراسية ومرهم ديانوطاس وسائر أدوية القروح المتأكلة المذكورة في القراباذين‏.‏

والجوز العتيق الدهين صالح للنار الفارسية في هذا الوقت‏.‏

فصل في النفّاطات والنفّاخات النفاطات تحدث على وجهين‏:‏ إحداهما بسبب مائية تندفع من غليان في الأخلاط تتصعد به المادة دفعة واحدة إلى ما تحت الجلد فتجد الجلد أكثر تكاثفاً مما تحته فلا ينفذ فيه بل يبقى نفاخة مائية‏.‏

والثاني أن يكون بدل المائية دم فيتقيّح من تحت‏.‏

فصل في علاج النفّاطات والنفّاخات أما تنقية البدن والفصد ونحو ذلك فعلى ما علمت وتستعمل التدبير والغذاء على النحو الذي ذكر وتجعل عليها في أول ما يكاد يظهر مثل العدس المطبوخ بالماء ومثل قشور الرمان أو قشر أغصانه مطبوخاً بالماء كل ذلك يوضع على موضعه بعد الطبخ والتليين فاتراً‏.‏

فإن خرجت النفّاطات وأردت علاجها نفسها فالغليظ الجلد بوجع فيجب أن يفقأ بالإبر ويسيل ما فيه والرقيق ربما تفقأ بنفسه ولا يجب أن يمهل بل يفقأ أيضاً ويعصر ما فيه بالرفق قليلاً قليلاً ثم لا يخلو إما أن يبرأ وإما أن يتقرّح فإن تقرّح عولج بالمراهم الاسفيداجية والمرداسنجية ونجوها وخصوصاً إذا وقع فيها مثل الإيرسا ومراهم الجمرة إذا سعت وتأكلت والنملة وسائر ما ذكرنا‏.‏

دواء مركب‏:‏ مرداسنج رطل زيت عتيق رطل ونصف زرنيخ رطل يطبخ المرداسنج بالزيت حتى لا يلتصق ثم يصبّ عليه الزرنيخ وأيِضاً دواء يصلح لما يقع منه على المذاكير والشفة ونحوها وبالجملة على الأعضاء التي هي أشد حاجة إلى التجفيف‏.‏

آخر‏:‏ يؤخذ قلقطار وقلقديس من كل واحد ثمانية بورق إثنان يسحق بماء ويستعمل وكذلك بعر الماعز بعسل‏.‏

وإذا سقطت الخشكريشات واللحمان الفاسدة وظهر اللحم الصحيح فيعالج بعلاج الخراجات البسيطة‏.‏

وقد تُسقط الخشكريشات واللحم الرديء أدوية معروفة وبالسكندرية يسقطونها بالحشيشة المسماة ساراقياس وأيضاً بارخس وأيضاً طرياخكس ودهن الأقحوان جيد لإسقاطها‏.‏

وبالجملة فإن الإشتغال بإسقاط الخشكريشة وعلاج الباقي بعلاج الجراحات الصحيحة صواب جداً‏.‏

دواء جيد مجرب للقدماء انتحله بعض المحدثين‏.‏

يؤخذ العنزروت والصبر والكندر والاسفيذاج والزنجار أجزاء سواء ومثل الجميع طين أرمني يتخذ منها بنادق وتؤخذ وتحلّ في خل وماء ويطلى به الموضع طلاء فوق طلاء حتى يحدث فيه تقبض شديد ويصير خشكريشة فأما أن تسقط بنفسها إن كانت تحتها رطوبة وإما أن تحتاج إلى أن تخلعها وتسقطها لا تزال تفعل ذلك حتى يسقط الجميع‏.‏

فصل في الشَّرى الشرى بثور صغار مسطحة كالنفّاخات إلى الحمرة ما هي حكاكة مكربة تحدث دفعة في أكثر الأمر وقد يعرض أن تسيل عنها رطوبة وربما كانت دموية وفي أكثر الأمر تشتدّ ليلاً ويشتدّ كربها فيه وغمها وسببها بخار حار يثور في البدن دفعة إما عن دم مري أو عن بلغم بورقي‏.‏

والدموي يكون أشد حمرة وحرارة وأسرع ظهوراً‏.‏

والبلغمي أقل في جميع ذلك‏.‏

واشتداد البلغمي ليلاً أكثر من اشتداد الدموي وإذا كان الشَرى يأخذ موضعاً واسعاً فإن لم يفصد خيف حمّى الغب ويجب أن يفصد في مهلة بينه وبين المبتدأ‏.‏

فصل في علاج الشَرى أما إن كان الغالب الدم فيجب أن تبادر إلى الفصد ثم تتبع بإسهال الصفراء إن احتملت القوة بمثل الهليلج جزءان والأيارج جزء والشربة ثلاثة دراهم في السكنجبين وتسكينه بمثل التمر الهندي وماء الرمانين بقشرهما أو ماء الرمان المز بقشره ونقيع المشمش وماء الرائب وأقراص الطباشير الكافورية بماء الرمان وسقي الماء الحار في اليوم مراراً مما ينفع منه ويلين طبيعة صاحبه ومما يسكُنه نقيع السماق المصفى يؤخذ منه ثلاث أوراق‏.‏

ومن أغذيته الطفشيل والخل زيت بدهن اللوز والخلّ زيت بماء الحصرم والرائب وأما إن كان الخلط بورقياً فيستفرغ البدن بالهليلج بنصفه تربد والشربة ثلاثة دراهم‏.‏

ويعطي العليل جوز السرو الرطب أوقية مع درهم صبر ويؤخذ العصفر ويسحق ويضرب بخل حامض ويسقى أو يسقى ماء المغرة أو ماء جرة جديدة‏.‏

وللبغلمي يؤخذ كبابة درهم مع ثلاثة دراهم سكّر ووزن ثلاثة دراهم بزر الفنجنكشت في اللبن الحليب ومما جرّب في كل صنف فودنج درهمان طباشير درهمان ورد أحمر نصف درهم كافور قيراط يسقى في ماء الرمان الحامض أو يسقى الأبهل على الريق‏.‏

فصل في الأكلة وفساد العضو والفرق بين غانغرانا وسفاقلوس الكلام في هذه الأشياء مناسب من وجه ما للكلام في الأمور التي سلف ذكرها نقول أن العضو يعرض له الفساد والتعفن بسبب مفسد الروح الحيواني الذي فيه أو مانع إياه عن الوصول إليه أو جامع للمعنيين ومثل السموم الحارة والباردة والمضادة بجواهرها للروح الحيواني ومثل الأورام والبثور والقروح الرديئة الساعية السمّية الجوهر والتي يخطأ عليها كما يخطأ في صب الدهن في القروح الغائرة فيعفن اللحم وبالتبريد الشديد على الأورام الحارة فيفسد مزاج العضو‏.‏

وأما المانع فالسدة وتلك السدة إما عرضية بادية مثل شد بعض الأعضاء من أصله شدَّاً وثيقاً فإن هذا إذا دام فسد العضو لاحتباس الروح الحيواني عنه أو احتباس القوة الساطعة وقد يكون لسدّة بدنية مثل ورم حار رديء ثابت عظيم غليظ المادة ساد للمنافد ومداخل النفس الذي به يحيا الروح الحيواني وهذا مع ما يحبس فقد يفسد المزاج أيضاً وما كان من هذا في الابتداء ولم يفسد معه حسّ ما له حس فيسمى غانغرانا وخصوصاً ما كان فلغمونياً في ابتدائه‏.‏

وما كان من الاستحكام بحيث يبطل حس ما له حسّ وذلك بأن يفسد اللحم وما يليه وحتى العظم ابتداء أو عقيب ورم فإنه يسمى سفاقلوس‏.‏

وقد يصير كانغرانا سفاقلوس بل هو طريق إليه وكل هذا يعرض في اللحم ويرض في العظم وغيره وإذا أخذ يسعى إفساده العضو ويرم ما حول الفاسد ورماً يؤدي إلى الفساد فحينئذ يقال لجملة العارض آكلة ويقال لحال الجزء من العضو الذي يعفن موت ولولا غلظ مادتها لم تلزم واندفعت‏.‏

فصل في المعالجة أما غانغرانا فما دام في الابتداء فهو يعالج وأما إذا استحكم الفساد في اللحم فلا بدٌ من أخذ جميعه‏.‏

فإذا رأيت العضو قد تغيّر لونه وهو في طريق التعفن فيجب أن تبادر إلى لطخه بما بمنع العفونة مثل الطين الأرمني والطين المختوم بالخل‏.‏

فإن لم ينجع ذلك لم تَجد بداً من الشرط الغائر المختلف الوجوه في المواقع وإرسال العلق وفصد العروق المقاربة له الصغار ليأخذ الدم الرديء مع صيانة لما يطيف بالموضع بمثل الأطلية المذكورة ويوضع على الموضع المشروط نفسه ما يمنع العفن ويضاده مما له غوص أقوى مثل دقيق الكرسنّة مع السكنجبين أو مع دقيق الباقلا وخصوصاً مخلوطاً بملح ومما يطلى عليه الحلتيت وبزر القريص أيضاً زراوند مدحرج وعصارة ورق الخوخ جزءاً جزءاً زنجار نصف جزء يسحق بالماء حتى يصير على ثخن العسل وتطلى به القرحة وحواليها‏.‏

ومن الأدوية المانعة للآكلة‏:‏ أن يؤخذ من الزنجار والعسل والشبّ بالسوية ويلطخ به فإنه يمنع ويسقط المتعفن ويحفظ ما يليه فإن جاوز الحال حال الورم وحال فساد لونه فأخذ في ترهّل وترطب يسيراً فهذا منه طريق آخر في التعفن فيجب أن ينثر عليه زاوند مدحرج وعفص بالسوية حتى يجففه به وكذلك الزاج أيضر والقلقطار جيدان خصوصاً بالخل وورق الجوز وكذلك قثّاء الحمار أو عصارته طلاء فإن أخذ بعض اللحم يفسد قطعته أو أسقطته بمثل أقراص الأنزروت وأقوى منه قلقديقون فإذا سقطت طبقة تداركت بالسمن تجعله عليه ثم تسقط الباقي حتى يصل إلى اللحم الصحيح‏.‏

والزاج الأحمر نثور جيد على الترهل والتعفن‏.‏

فإذا ظهر العفن فلا يدافع بالقطع والإبانة فيعظم الخطب‏.‏

وإذا عظم الورم حول التعفن فقد مدح له سويق بعصارة البنج وليس هو عندي بجيد بل يجب أن يكون استعمال مثله على الموضع الصحيح ليمنع عنه ويردع فإذا قطعت العضو الذي تعفن فيجب أن يكون ما يحيط به بالنار فذلك هو الحزم أو بالأدوية الكاوية المحرقة وخصوصاً في الأعضاء السريعة القبول للعفن بسبب حرارتها ومجاورة الفضول الجارية لها مثل المذاكير والدبر فهذا القمر هو الذي نقوله ههنا وتجد في كلامنا في القروح المتعفنة ما يجب أن تضيفه إلى هذا الباب‏.‏

فصل في الطواعين كان أقدم القدماء يسمون ما ترجمته بالعربية الطاعون كل ورم يكون في الأعضاء الغددية اللحم والخالية‏.‏

أما الحساسة مثل اللحم الغددي الذي في البيض والثدي وأصل اللسان وأما التي لا حسّ لها مثل اللحم الغددي الذي في الإبط والأربية ونحوها‏.‏

ثم قيل من بعد ذلك لما كان مع ذلك ورماً حاراً ثم قيل لما كان مع ذلك ورماً حاراً قتالأً ثم قيل لكل ورم قتال لاستحالة مادته إلى جوهر سمي يفسد العضو ويغير لون ما يليه وربما رشح دماً وصديداً ونحوه ويؤدي كيفية رديئة إلى القلب من طريق الشرايين فيحدث القيء والخفقان والغشي وإذا اشتدت أعراضه قتل‏.‏

وهذا الأخير يشبه أن تكون الأوائل كانوا يسمونه قوماطا‏.‏

ومن الواجب أن يكون مثل هذا الورم القتال يعرض في أكثر الأمر في الأعضاء الضعيفة مثل الآباط والأربية وخلف الأذن ويكون وأسلم الطواعين ما هو أحمر ثم الأصفر والذي إلى السواد لا يفلت منه أحد والطواعين تكثر في الوباء وفي بلاد وبيئة وقد وردت أسماء يونانية لأشياء تشبه الطواعين مثل طرفيترس وقوماطا وبوماخلا وبوبوس وليس عندنا كثير تفصيل بين مسمياتها‏.‏

فصل في العلاج أما الإستفراغ بالفصد وما يحتمله الوقت أو يوجبه مما يُخرج الخلط العفن فهو واجب ثم يجب أن يقبل على القلب بالحفظ والتقوية بما فيه تبريد وعطرية مثل حماض الأترج والليمون وربوب التفاح والسفرجل ومثل الرمان الحامض وشم مثل الورد والكافور والصندل والغذاء مثل العدس بالخلّ ومثل المصوص الحامض جداً المتخذ‏.‏

من لحوم الطياهيج والجداء‏.‏

ويجب أن يكلل مأوى العليل بالجمد الكثير وورق الخلاف والبنفسج والورد والنيلوفر ونحوه‏.‏

وتجعل على القلب أطلية مبردة مقوية مما تعرف من أدوية أصحاب الخفقان الحار وأصحاب الوباء وبالجملة يدبر تدبير أصحاب الهواء الوبائي‏.‏

وأما الطاعون نفسه وما يجري‏.‏

مجراه مما سقي فيعالج في البدء بما يقبض ويبرد وبإسفنجة مغموسة في ماء وخل أو في دهن الورد أو دهن التفاح أو شجرة المصطكي أو دهن الآس‏.‏

هذا في الابتداء ويعالج بالشرط إن أمكن ويسيل ما فيه ولا يترك أن يجمد فيزداد سمية‏.‏

وإن احتيج إلى محجمة تمصّ باللطف فعل وما كان خراجي الجوهر فيجب أن تشتغل عند انتهائه أو مقاربة الانتهاء بالتقييح‏.‏

وإذا كان هناك حمى فتأن في التبريد لئلا ترد المادة إلى خلف‏.‏

والتقييح يكون بمثل النطل بماء البابونج والشبث وسائر المقيحات اللطيفة التي تذكر في أبواب الخراجات‏.‏

قالوا أما قوماطا وميغيلوس فينفعها ضمّاد برشياوشان والسرمق واللبلاب وأصل الخطمي مع قليل أشق وعسل بالشراب أو دبق مع راتينج وقيروطي أو وسخ كوارة النحل وترمس منقع في خل أو أصل قثاء الحمار مع علك البطم أو نطرون مع تين أو مع خمير‏.‏

فصل في الأورام الحادثة في الغدد وأما الأورام الغددية التي ليست تذهب مذهب الطواعين فربما وقعت موقع الدفوع في البحارين وربما وقعت موقع الدفوع عن الأعضاء الأصلية وربما جلبها قروح وأورام أخرى على الأطراف تجري إليها مواد فتسلك في طريقها تلك اللحوم فتتشبث فيها كما يعرض للأربية والإبط من تورمهما فيمن به جرب أو قروح على الرجلين واليدين وربما كانت مع امتلاء من البدن وربما لم يكن في البدن كثير امتلاء‏.‏

وعلاجها كما علمت يخالف علاج الأورام الأخرى في أنها لا تبدأ بالدفْع ولا تسّتعمل فيها ذلك بل الاستفراغ بالفصد والإسهال مما لا بد منه‏.‏

وأما العلاج الآخر فيتوقف فيه إن أمكن حتى تستبان الحال فإن كان على سبيل البحران أو على سبيل الدفع عن عضو رئيس فلا ينبغي أن يمنع البتة بل يجذب إلى العضو أي جذب أمكن ولو بالمحاجم‏.‏

وأما إن كان لكثرة الإمتلاء فالإستفراغ هو الأصل وتقليل الغذاء وتلطيفه ولا تستعمل الدافعات بل المرخيات مع أنه لا تستعمل المرخيات أيضاً من غير استفراغ فربما حتى ذلك على العضو يجذب المادة الكثيرة‏.‏

بل إذا استعملت المرخّيات فاستفرغ مع ذلك واجذب المادة إلى الخلاف‏.‏

والخطر في الدافعات رد المادة إلى الأحشاء والأعضاء الرئيسة والخطر في المرخيات جلب مادة كثيرة‏.‏

والاستفراغ وإمالة المادة تؤمن مضرة المرخيات‏.‏

وإذا اشتد الوجع فلا بد من تسكينه بمثل صوفة مبلولة بزيت حار ثم يزاد فيه في آخره الملح حتى يسكن الورم بما يتحلل وفي الأول ربما زاد في الوجع‏.‏

وإذا كان البدن نقياً أو نقيته فحلل ولا تبال وربما نجع في التحليل مثل دقيق الحنطة وأسلم منه دقيق الشعير وربما عظم المحلل القوي الورم فلا يستعمل إلا إذا احتيج إلى دفع من الأعضاء الرئيسة لجذبه المادة عنها إلى الورم خوفاً على تلك الرئيسة وكثيراً ما يبرئها في الإبتداء الزيت المسخن وحده يصب عليه‏.‏

وأما إذا كان الورم في لحم رخو هو في عضو شريف مثل الثدي والخصية ولم تخف من منعه فصل في الخراجات الحارة والخراج من جملة الدبيلات ما جمع من الأورام الحارة فكان اسم الدبيلة يقع على كل تورم يتفرغ في باطنه موضع تنصب إليه مادة ما فتبقى فيه أية مادة كانت‏.‏

والخراج ما كان من جملة ذلك حاراً فيجمع المدة وقد يبتدىء الورم الحار كما هو جمع وتفرق اتصال باطن وقد لا يبتدىء كذلك بل يبتدىء في ابتداء الأورام اَلحادة الصحيحة ثم يَؤول أمره عند المنتهى أن يأخذ في الجمع‏.‏

ولنؤخر الكلام في الدبيلات البارعة التي تحتوي على أخلاط مخاطية وجصية وحصويه ورملية وشعرية وغير ذلك وعلى أن من الناس من خص باسم الدبيلات ما فيه أخلاط من هذا الجنس‏.‏

لكنا الآن نتكلم فيما يجمع المدة فإن هذا ابتدأ إخراجاً لمادة دفعتها الطبيعة فلم يمكن أن تنفذ في الجلد ولا أن يتشربها اللحم بل فرقت لها اتصالاً لغلظها تفريقاً ظاهراً فاسكتنت في خلل ما يتفرق وفي الأكثر يظهر لها رأس محدد وخصوصاً إن كانت المادة حادة‏.‏

وهذه الخراجات تبتدي فتجمع المدة ثم تنضج المدة ثم تنفجر وربما احتاجت إلى تقوية في الإنضاج والإنفجار وربما لم تحتج‏.‏

وكلما كان الخراج أشدّ ارتفاعاً واحمراراً وأحد رأساً فالخلط المحدث له أشدّ حرارة وهو أسرع نضجاً وتحللاً وانفجاراً وخصوصاً الناتئ البارز الصنوبري وما كان بالخلاف مستعرضاً غائصاً قليل الحمرة فهو غليظ المادة رديء مائل إلى باطن قليل الوجع ثقيل الحركة وأردأ هذا ما كان انفجاره إلى باطن فيفسد ما يمر عليه ومنه ما يندفع إلى الجانبين وأحد انفجاره ما كان إلى التجويف الخاص بالعضو الذي له مسيل إلى خارج مثل خراج المعدة ولأن ينفجر إلى باطنه وتجويفه خير من أن يتفجر إلى ظاهره وإلى‏.‏

التجويف المحيط به المراق‏.‏

وكما أن الإنفجار الدماغي إلى التجويفين المقدمين أحمد لأن لهما منفذاً مثل منفذ الأنف والأذن والقمع إلى الفم وإذا انفجر إلى الفضاء المحيط بالدماغ أو إلى البطن المؤخر لم يجد منفذاً إلى خارج وأضر ضرراً شديداً وليس كل عضو صالحاً لأن يحدث فيه خراج فإن المفاصل يقلّ خروج الخراج فيها لأن فيها أخلاطاً مخاطية ومكانها واسع غير خانق للمادة ولا حابس ليخرج إلى العفن فإن خرج هناك خراج فلأمر عظيم وشر الخراجات وأخبثها ما خرج على أطراف العل الكثيرة العصب‏.‏

والخراجات تختلف مدة نضج مدتها بحسب الخلط في لطافته وغلظه والمزاج في حره وبرده واعتداله وبحسب الفصل والسن وجوهر العضو‏.‏

وإنما لا ينضج الخراج ويستحيل ما فيه قيحاً بسبب قلة الحار الغريزي في العضو أو بسبب غلظ جوهر المادة وقد يبلغ من ذلك أن يتقيح في باطنه ولا يظهر للحس لغؤور القيح وغلظ ما عليه‏.‏

والمدة قد توقف على نضجها سريعاً وقد لا توقف بحسب جوهرها في الغلظ فلا تلين بسرعة وإن نضجت وفي الرقة فتلين بسرعة وبحسب ما عليها من اللحم القليل والكثير‏.‏

وأسباب الخراج والوقوع إلى المدة الامتلاء وكثرة المادة وفسادها‏.‏

وأسباب أسبابها التخمة والرياضات الرديئة والأمراض التي لا تبحرن بالاستفراغ الظاهر والآفات النفسانية من الغموم والهموم المفسدة للدم‏.‏

ومن الخراجات ضرب يسمى طرميسوس وهو خراج ينفجر فيخرج ما تحته شبيهاً باللحم الجيد ثم يظهر عنه مدة أخرى ومن الخراجات ضرب آخر يسمى البن وهو خراج قرحي مستدير أحمر لا يعرى صاحبه عن الحمى في أكثر الأمر وحدوثه في أكثر الأمر في الرأس وقد يحدث في غيره‏.‏

فصل في دلائل كون الورم خراجاً إذا رأيت ضرباناً كثيراً وصلابة مساعدة وحرارة نظن أن الورم في طريق صيرورته خراجاً‏.‏

فصل في دلائل النضج وعلامته فصل في أحكام المدة المدة الجيدة هي البيضاء الملساء التي ليست لها رائحة كريهة وإنما تصرفت فيها الحرارة الغريزية وإن لم يكن بد من مشاركة الغريبة وإنما تزاد ملاستها ليعلم أنها متفقة الانفعال عن القوة الهاضمة ولم يختلف فعلها في عاص ومطيع ويطلب أن لا يكون لها رائحة شديدة الكراهة لتكون أبعد من العفونة‏.‏

قالوا‏:‏ ويطلب منها البياض لأن ألوان الأعضاء الأصلية بيض ولن يشبهها إلا الطبيعة المقتدرة عليها‏.‏

والمدة الرديئة هي المنتنة الدالة على العفونة التي هي ضد النضج وتدل على استيلاء الحرارة الغريبة وإذا خرجت مدة مختلفة الأجزاء متفننة الألوان والقوامات فهي أيضاً من الجنس المخالف للجيّد ولا بدّ لكل مدة تحصل في بدن من عفونة أو نضج أو برد واستحالة بنحو آخر‏.‏

فصل في دلائل الخراج الباطن إذا حدث ورم حار في الأحشاء فعرضت قشعريرات وحميات لا ترتيب لها‏.‏

واشتد الوجع وكانت القشعريرة في الأوائل أطول مدة ثم لا تزال تقصر مدّتها وازداد ثقل الورم‏.‏

فاعلم أن الورم صار خراجاً وأنه هو ذا يجمع وإنما تكون هذه الأوجاع في الابتداء أشد‏.‏

وكلما بلغ المنتهى نقص لأن التمزق يكون في الابتداء والتمزق وتفرق الإتصال أوجع ما يحدث منه عندما يحصل وعندما تصير المادة مدَة تسكن أيضاً الحمى الشديدة والالتهاب فتسكن الحمى الواقعة بمشاركة القلب‏.‏

واعلم أن صلابة النبض هو الشاهد الأكبر فإذا ظهرت علامات الخراج والدبيلة في الأحشاء ولم يصلب النبض فلا تحكم جزماً بالخراج الباطن فإن في مثله ربما لم يكن في الأحشاء بل في الصفاق الذي يحيط بالأحشاء وأنت تحسّ في الجانب الذي فيه الخراج بالثقل الذي يتعلق منه وبالوجع‏.‏

فصل في دلائل نضج الباطن إذا عرضت دلائل الخراج الباطن ثم مكنت الأعراض من الحمّى والقشعريرة والأوجاع سكوناً ما وما بقي الثقل فاعلم أن المدة قد استحكمت والنضج كان‏.‏

فصل في دلائل قرب انفجار الباطن فإذا عاودت الأوجاع ونخست ولذعت واشتد الثقل وتشابهت الحميات فإن الإنفجار قد قَرُب‏.‏

فإذا عرض النافض بغتةً وسكن الثقل والوجع فقد انفجر وخصوصاً إذا ظهرت عنه المدة مستفرغة تلذع ما تمر به ولا بد من ذبول قوة وضعف يدخل‏.‏

وإذا انفجر الخزاج الباطن إنفجاراً دفعةً وخرج شيء كثير فربما يعرض خفقان وغشي رديء وربما عرض موت لانحلال القوة وربما عرض قيء وإسهال وربما عرض نفث مدة كثيرة دفعةً إذا كان الخراج في الصدور وربما عرض اختناق إذا انفجر إلى الصدر شيء كثير دفعة‏.‏

فصل في علاج الخراجات الظاهرة أما الاستفراغات وما يعالج به الأورام في أوائلها إلا أن يخاف رجوع المادة إلى عضو شريف كما بينا وكما يغلط فيه الجهال فأمر يشترك فيه الخراج الحار والأورام الحارة غير الخراجية والذي يختص به من التدبير فهو تحليل ما يجتمع فيه وذلك على وجهين من التدبير‏.‏

أحدهما التدبير الجاري على السداد‏.‏

إذا لم يكن المرض خارجاً عن المعتاد خروجاً كثيراً وهو أن يحتال في إنضاج المادة مدة وفي تفجيرها بعد ذلك وأن تراعى القوة وتحفظها لئلا يسقطها الوجع والانفجار دفعةً‏.‏

فإن كثيراً من الناس تموت غشياً وذبول قوة بل يجب أن تراعي أيها الطبيب كيف تقوي القوة وتحفظها بما تعلم فيجب أن تغذو صاحب الدبيلة بأغذية جيدة‏.‏

إلا أن يكون الخراج في الأحشاء فتحتاج ضرورة إلى تلطيف الغذاء‏.‏

والثاني التدبير الخارج عن السداد لضرورة الحال وهو أنه إذا كان المرض عظيماً والخراج مجاوزاً في عظمه للمعتاد وخيف استعجال الأمر في انتظار النضج فيه‏.‏

أو عُلم أن القوة لا تفي بإضاج جميع ذلك وإن حاولت الإنضاج تأدى ذلك إلى تأثير غير الإنضاج فلا بد من البضع اتقائك مَسَ الحديد لما يلي الخراج من الأعضاء الكريمة التي في مس الحديد لها خطر‏.‏

وكذلك إذا أحسست أن المادة من الغلظ بحيث لا تنضج أو خفت أن الحار الغريزي من القلة في العضو بحيث لا ينضج أو خفت أنه لتقصيره بحيث يحيل إحالة غير الإنضاج الحقيقي أو يكون الخراج بقرب المفاصل أو الأعضاء الرئيسة فيخاف إفساده إياها‏.‏

وإن عولت في الإنضاج على الأدوية المغرية أو المنضجة لم يبعد أن تمنع المغرية نفوذ النسيم في المسام وتحرك المنضجة حرارة ضعيفة وجميع ذلك يعين على تعفين العضو ففي أمثال هذه لا بد من الشرط الغائر والبط العميق ثم تتبع ذلك أدوية هي في غاية التحليل والتجفيف ويجب أن يكون البط والشرط ذاهباً في طول ليف عصب العضو اللهم إلا أن يراد أن يبطل فعل ذلك العضو خوفاً من وقوع التشنج فيقطع الليف عرضاً ويسلم مما يتخوّف وأكثر طول الليف مع طول البدن إلا في أعضاء مخصوصة وكذلك تجد أكثر طول الليف مع كسر الأسرة والغضون إلا في أعضاء مخصوصة كالجبهة‏.‏

ولا ينبغي أن تُقرب من المبطوط والمشروط ماء ولا دهناً ولا شيئاً فيه شحم فإن لم يكن بد من غسل فبماء وعسل أو ماء بشراب أو بخل فان اشتد الورم والالتهاب بعد البط ضمدت بالعدس وإن لم تكن تلك حاجة استعملت الملحمات والمراهم‏.‏

واعلم أن هذا البط مولد للصديد والوضر والناصور ولكن إذا لم يكن منه بد فلا حيلة وأولى ما يصير عليه إلى أن تنضج المواضع اللحمية القليلة العصب والعروق‏.‏

واعلم أن الصنوبرية المرتفعة المحددة الرؤوس قلما تحتاج إلى بط لا قبل النضج ولا بعده‏.‏

فصل في تدبير الانضاج والحيلة للتقيح في الخراجات الظاهرة الأدوية المنضجة يجب أن تكون حرارتها قريبة من حرارة البدن ويكون لها تغرية ما‏.‏

منَ ذلك في أول الدرجات النطول بالماء الفاتر والتضميد بدقيق الحنطة أو الشعير‏.‏

والحنطة الممضوغة أجود في ذلك والخبز مع ماء وزيت أو شمع وزعفران ودقاق الكندر والزفت بدهن الورد وشحم الخنزير أو ضماد من الخطمي وبزر الكتان وأيضاً ضماد من التين اليابس الحلو الدسم السمين وحده أو بدقيق الشعير ودقيق الشعير أيضاً وخصوصاً إن جعل فيه زوفا وصعتر بري أو جمع بماءَ طبخا فيه مع قليل ملح من غير إفراط وربما زدت فيه شحماً أو دهناً وأقوى من ذلك حرف مع علك البطم‏.‏

والأدوية المركبة من الزبيب والميعة والقنة والمر واللاذن والراتيانج والسمن والمصطكي والزوفا الرطب وأصل قثاء الحمار وأصل دم الأخوين‏.‏

ومرهم جالينوس بدهن الخروع من غير شمع وخصوصاً إذا ديف هذا المرهم في الزيت وكذلك مرهم فصل في تدبير الخراجات الظاهرة إذا نضجت إذا وجدت الخراج غليظ الجلد لا يرجى معِ النضج انفجاره وهناك عروق وأوتار وعصب فيجب أن تبط فإنك إن تركت المدَة فسدت وأفسدت وأكلت العروق وليف العصب وأشدّ ما يكون ذلك إذا كان بقرب من المفاصل‏.‏

واطلب ببطك موضع المدة واجتهد أن يقع باب البط إلى أسفل إلاّ حيث لا يمكن وإن كان ما على الخراج سميناً فشققت فشق الباب فقط فإنه يلتزق السمين بما وراءه وإن كان نحيفاً فشقّ جميعه طولاً‏.‏

واعلم أن الموضع الذي فيه المدّة تبين بالمسّ وخصوصاً إذا كبست بإصبع وأنت تراعي بإصبع أخرى ولو من اليد الأخرى هل يندفع شيء من الكبس‏.‏

وموضع المدّة يظهر من ميل لونه إلى البياض وما لم ينضج يكون إلى حمرة وقد يكون موضع المدة إلى خضرة وصفرة إذا لم تكن المدة جيدة والمعتمد للمس دون البصر على أنّ للعصر معونة‏.‏

ويجب أن يلزم في الشق الخطوط الطبيعية من الاسرة إلا عند الضرورة ففي أعضاء مخالفة وضع الليف في طوله لوضع الاسرة فإنك إن اتبعت في بط خراج يكون على الجبهة الاسرة سقطت جلدة الجبهة على الوجه بل تحتاج إلى أن تخالف الاسرة‏.‏

وأما في مثل الأربية فيجب أن تذهب مع الاسرة في العرض من الجلدة وإذا بططت الخراج وأخرجت ما فيه فالواجب أن تبادر إلى إلصاق الجلد باللحم لئلا يتخرّق ويتصلب ويصير بحيث لا يلتصق وتحدث فيه المخابي التي لا تزال تمتلىء وتعود مثل الخراج الأول وكلما نقيت لم تلبث أيضاً أن تمتلىء وتصير بالحقيقة من جنس النواصير وقبل أن تلزقه في الوقت يجب أن تنقيه وإن احتجت أن تدخل فيه مِرْوَداً على رأسه خرقة خشنة تنقيه بها وتحكه وتلزقه وتضبطه بالشد على ما سنذكر من رباط المكهوف والقروح الغائرة كان صواباً جيّداً‏.‏

ويجب أن تراعي في البطّ ما ذكرناه من الشرائط ثم تبط من أنضج موضع وألحمه وأبعده من الشرايين والعروق والأوتار‏.‏

قال انطيلس‏:‏ إذا كان الخراج في الرأس فشقّه شقّاً مستوياً ويكون مع أصل نبات الشعر لا يكون معترضاً فيه لكي يغطيه الشعر ولا يتبين إذا برأ‏.‏

قال‏:‏ وإن كان في موضع العين فإنا نبطه معترضاً وإن عرضت في الأنف بططناه مستوياً بقدر طول الأنف‏.‏

وإن كان بقرب العين بططناه بطاً يشبه رأس الهلال وصيرنا الإعوجاج إلى أسفل‏.‏

وإن عرض في الفكين شققنا مستوياً لأن تركيب هذا الموضع مستو ويعرف ذلك من أجساد الشيوخ‏.‏

وأما خلف الأذنين فإنا نبطه مستوياً‏.‏

وأما الذراعان والمرفقان واليدان والأنامل والأربيتان فإنا نبطها كلها بالطول‏.‏

قال‏:‏ وإن كان بقرب الفخذين بططناه بطاً مستديراً والبط المستدير هو الذي يأخذ مع أخذ في طول البدن شيئاً من عرضه‏.‏

قال لأن هذا الموضع إذا لم يبط مستديراً أمكن أن تجتمع فيه المواد وتصيّرنا صوراً وكذلك أيضاً تبط ما كان بقرب المقعدة لمكان الرطوبة التي تجتمع فيه وفي الجنب والأضلاع يبط مورباً‏.‏

وأما الخصي والقضب فمستوياً‏.‏

قال‏:‏ ويُحرض أبداً أن يكون البط متابعاً للشكل الكياني ما قدرنا عليه‏.‏

وأما الساقاق والعضدان فتشق بالطول وتتحفظ عن أن تصيب العصب‏.‏

واعلم أن البط يختلف بحسب المواضع إذا كان عند العين فبطه مقرناً كشبيه وضع العين وفي الأنف بطول الأنف وفي الفك وقرب الأذن يشق مستوياً لأن تركيب هذا الموضع مستو ويعرف ذلك من أجساد الشيوخ‏.‏

فأما خلف الأذن فبط مستو والذراع والساق والفخذ والعضد كله مستو ويصير بالطول وكذلك في عضل البطن وفي الظهر وفي الأربية والإبط إجعله بطاً يأخذ من العرض أيضاً لئلا يصير فيه مخبأ يصيرنا صوراً وكذلك ما كان بقرب المقعدة فخذ فيه من العرض أيضاً لئلا يحدث مخبأ فيصيرنا صوراً وفي الأنثيين والقضيب مستوياً بالطول وفي الجنب والأضلاع حذو الأضلاع هلالياً مقرناً لأنّ وضع الأضلاع كذلك واللحم الذي عليها‏.‏

قال‏:‏ وتفقد أبداً وضع لحم الموضع وليف عضله لأنّا إنّما نحرص على أن نبط باتباع الموضع لئلا يحدث قطع ليكون موضع الإلتحام حسناً غير وحش ليكن في كل حال من همّك أن لا تقطع شرياناً أو عرقاً عظيماً أو عصبة أو ليف عضلة والبط بحسب عظم الخراج إذا كان صغيراً يسيل ما فيه من موضع فشقه في موضع وإن كان عظيماً فبطه بتزيد ثم أدخل إصبعك السبابة اليسرى فيه وبطّه حتى تنتهي إلى رأسه ثم ادخل أيضاً في البط الثاني وعلى ذلك حِتى تأتي عليه‏.‏

فإن كان للخراج موضع مستقل يمكن أن يخرج ما فيه منه بططناه في ذلك الموضع وإن كان مستديراً أو له شكل لا يخرج ما فيه من بطة واحدة بططناه أسفله من موضعين أو ثلاثة بقدر ما تعلم إن كل ما يجتمع فيه يسيل في الوقت‏.‏

قال‏:‏ وإذا كان الخراج في مفصل أو في عضو شريف أو موضع قريب من العظم أو غشاء أسرعنا في بطه قبل أن يستحكم نضجه لئلا يفسد القيح شيئاً من هذه الأعضاء نقول‏:‏ هذا هو التدبير‏.‏

إذا لم تجد بداً من البط فإن رجوت أنه ينفجر بنفسه فلا تبط وكذلك إن رجوت أنّه ينفجر بالأدوية المفجّرة وربّما وجدت في الأدوية المفجرة ما يقوم مقام البط وكثيراً ما يبط‏.‏

الجلد بطاً أو يؤخذ منه شيء ثم يوضع عليه المفجّر ليكون أغوص له‏.‏

أمّا الخراجات السليمة التي لا كثير رداءة فيها فيفتح مثلها الماء الحار ويفجره‏.‏

وأمّا المتعفنة فتتضرر بذلك تضرراً شديداً لما يجلب إليها من المادة‏.‏

وإذا رأيت الخراج يصلحه الماء الحار فثق بجودته‏.‏

واعلم أنّ التضميد بأصل النرجس يفخر كل صعب وخصوصاً مع عسل ويغلى جميع ذلك في دهن السوسن أو أصل القصب الطري مع عسل أو زفت يابس مع وسخ كواوير العسل أو مرهم أو بوسلوس أو يؤخذ شمع وراتيانج وسمن من كل واحد رطل ومن الزفت اليابس والعسل نصف رطل ومن الزنجار ثلاث أواق ومن الزيت قدر الكفاية‏.‏

ودواء الثوم جيد جداً أو يؤخذ من الأشقّ ست أواق شمع أربعة بطم أربعة كبريت أصفر ثلاثة نطرون ثلاثة ويتحد مرهم من ذلك‏.‏

ومما جربناه أن يؤخذ لب حبّ القطن والجوز والزنج والخمير والكرنب المطبوخ والبصل المطبوخ والخردل وذرق الحمام فيتّخذ منه ضماد فيفجر بسرعة‏.‏

وأيضاً الدياخيلون مدوفاً في لعاب الخردل والصابون مدوفاً باللبن‏.‏

ومن الأدوية المفجرة القائمة مقام البط أن يستعمل مرهم مأخوذ من عسل البلاذر والزفت الرطب يجمعان بالنار سواء ثم يجعل على الخرّاج نصف يوم فإنه يفجره‏.‏

ومما هو قوي أيضاً أن يؤخذ القلي والنورة غير المطفأة فيجعل في غمرة ونصف ماء ثم يصفى بعد إغلائه ويكرر في ذلك الماء القلي والنورة ثم يؤخذ ويجعل في قصعة من نحاس ويوضع على جمر فينعقد ملحاً ويؤخذ من هذا الملح شيء ومثل ربعه نوشادر ويجعل في لعاب الحرف وفيه شمّة من عسل البلاذر ويستعمل‏.‏

أو تؤخذ الذراريح وتسحق وتجعل على الزيت العتيق وتجعل على نار لينة نار جمر حتى يتحد الجميع ثم يسحق سحقاً كالمرهم ويتخذ منه ضمّاد وخصوصاً إن جعل عليه عسل البلاذر وخصوصاً إن جعل فيه ذرق البازي أو ذرق العصافير أو ذر البطّ‏.‏

وذكر بعضهم الكبيكج‏.‏

ومن الأدوية المحلّلة كلّ حاد محلل يكرّر على الموضع مرتين في اليوم مع تسخين العضو وخلخلته بالكمادات الفاعلة لذلك مما فيه رطوبة حارة وكلّما تحلّل نقصت مرار الوضع والتكميد ويجب أن لا يخلي التدبير عن الأدوية الملينة حتى تلين صلابة إن حدثت ولا تجمد المدّة فإن زالت المدة وتحللت وبقيت صلابة فالواجب استعمال المليّنة وحدها‏.‏

وهذه الأدوية المحلّلة للمدّة هي من جملة البورق والخردل وزبل الطيور والزرنيخ والنورة والقردمانا ويخلط بمثل الكندر وعلك البطم والمصطكي والدبق ويجمع بالخل والزيت العتيق والدواء المتّخذ بالثوم والدواء المتخذ بالأقحوان ودواء يتّخذ من العاقر قرحا والميويزج والبورق بالعسل وكلّ هذا ينظف الموضع قبله بماء حار ودواء مارقشيثا ونسخته‏:‏ أن يؤخذ من حجر المارقشيثا إثنا عشر درهماً أشق مثله دقيق الباقلا ستة دراهم يخلط بريتيانج رطب ويلطخ على جلد ويوضع على المدّة حتى يسقط من ذاته ويجب أن يستعمل في الوقت فإنّه يجف سريعاً‏.‏

ودواء يتخذ من النوشادر ونسخته‏:‏ يؤخذ من النوشادر جزء ومن البارزد ربع جزء من المرتك جزء وثلث ومن الزيت العتيق جزء وثلثا جزء يتخذ منه لطوخ وإذا لم تنفع الأدوية احتيج كما قدمنا ذكره إلى بط وكي‏.‏

فصل في تدبير الخراجات الباطنة أما الدبيلات الباطنة فيجب أن تدبرها بالاستفراغ وخصوصاً إذا دل المرار الخارج في البراز والبول على أنٌ الدم كله رديء‏.‏

وأما إذا صلح أو حدس الطبيب أن الدم جيد ما خلا ما دفعته الطبيعة إلى الخراج وبعد الاستفراغ فيجب أن ينضج بأدوية معتدلة مثل الشراب الرقيق اللطيف إذا شرب قليلاً قليلاً والمعتمد في إنضاح المستعصي منها الأدوية الملطفة المجففة كالمر والدارصيني وسائر الأفاويه وتتبع بشرب الشراب الرقيق الذي إلى البياض ومن المركّبات الترياق والمثروذيطوس والاميروسيا‏.‏

فصل في الدماميل الدماميل أيضاً من جنس الخراجات وأكثرها من رداءة الهضم ومن الحركات على الامتلاء وما يجري مجرى ذلك وأردأ الدماميل أغورها‏.‏

فصل في علاج الدماميل إذا ظهر الدمل فعالجه إلى قريب من ثلاثة أيام علاج الأورام الحارة ثم بعد ذلك ينبغي أن تشتغل بالتحليل والإنضاج فربما تحلل وذلك في الأقل وربما نضج‏.‏

ولا يجب أن تتغافل عن علاج الحمل فكثيراً ما يؤول إلى خراج عظيم وهذا يؤمن عند الاستفراغ بقدر الواجب فصداً وإسهالاً وإذا كان للدمل ضربان وقاعدة أصل فلا بد من نضج فأعلن عليه‏.‏

والمبتلى بكثرة خروج الدماميل يِخلصه منها الإسهال وتسخيف الجلد بالحمام المستعمل دائماً والرياضة‏.‏

ومن منضجاته‏:‏ بزر المر مدقوقاً مع اللبن أو ماء التين والخردل والعسل أو التين بالعسل نفسه والحنطة الممضوغة جيدة لإنضاجها وكذلك الزبيب المعجون ببورق أو التين مع الخردل مخلوطاً بدهن السوسن‏.‏

والدواء الدّملي المعروف ودواء الخمير المعروف ودواؤه بهذه الصفة ينضج بالرفق‏.‏

ونسخته‏:‏ يؤخذ سمن أوقية ونصف ومن الخمير الحامض أوقيتان وبزر المر والمدقوق وبزر قطونا من كل واحد أوقية ونصف شيرج التين ثلاث أواق حلبة وبزر الكتان من كل واحد خمسة دراهم يغلى في اللبن ويستعمل فإنه معتدل‏.‏

وإذا كان الدمل عسر النضج ساكن الحرارة ثقيلاً فافصد العرق الذي يسقيه ثم احجم الموضع ولا تفعل هذا في الابتداء فيخرج الدم الصديدي ويحتبس الغليظ وتصير هناك قرحة صلبة وإذا نضج ولم ينبط بططته إمّا بأدوية وإمّا بالحديد بحسب ما قيل في باب الخراجات ومن مفجراته الجيدة بزر الكتان وذرق الحمام والخمير‏.‏

فصل في التوثة هذا ورم قرحي من لحم زائد يعرض في اللحم السخيف وأكثره في المقعدة والفرج وقد يكون سليماً وقد يكون خبيثاً‏.‏

العلاج‏:‏ هو في الكبير النتو القطع بالحديد ثم استعمال المراهم المدملة وقد يكون فيما يكون دقيق الأصل بالحزم بالابريسم وشعر الخيل وقد يكون الديك برديك والقلدقيون ونحوها بحسب الأبدان ثم بالمراهم‏.‏